ترددت قبل أن أكتب حرفا... كلمة... جملة... أو سطرا...
لكن و أخيرا استطعت أن أتجاوز ترددي هذا, و أمسك القلم دون رعشة أو حرج, و أعلن و جهة نظري في موضوع الأفلام التركية التي صنعت ضجة غريبة في البلدان العربية.
ضجة لم تثر مثيلتها من قبل, لا مع الأفلام الأوروبية, أو الأمريكية و لا حتى المكسيكية.
جرائد انتقدت انتشار الأفلام التركية و ارتفاع نسبة مشاهدتها في الأوساط العربية, رجال ساخطون على إدمان زوجاتهم لهاته المسلسلات, و علماء من شتى الدول العربية اعتلوا كرسي الإمامة و حكموا بمنع بثها, و السبب أنها تمثل انحلالا في القيم المجتمعية و الأخلاقية, و سببا في تفكيك أسر عديدة في سوريا و الأردن و مصر و السعودية...
صراحة استغربت عندما اطلعت على السبب الذي قدمه الدكتور "محمد أبو ليلة" أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر لمنع بث فلم "سنوات الضياع" و "نور", و الذي يفيد أن هاته المسلسلات " تسببت في تمرد المرأة عن زوجها و بيتها و جعلتها تريد العشق و الحب و الهيام و التدليل من الزوج ".
عجبا لهذا السبب, هل أصبح من العيب أن تطلب الزوجة من زوجها تدليلها؟ هل من العار أن تحس الزوجة بعشق و حب زوجها؟
صراحة غريب أمر هؤلاء العلماء, هل نسوا أو بالأحرى تناسوا أن تاريخ السينما المصرية مليء بالانحلال الخلقي بشتى أنواعه "قبل غرامية... مشاهد ساخنة... علاقات غرامية داخل غرف النوم..."؟
أم المسألة و ما فيها كما يقول المثل المغربي الشائع "الجمل ماكيشوفش كعبوبو" .
كم من فلم مصري شد انتباه المجتمع العربي و كم من بطل و بطلة أذهبن عقول المشاهدين, وخير دليل على ذلك المسلسل المصري "ملك روحي" الذي كان يبث في شهر رمضان, بطولة الفنان الوسيم أحمد عز و نجمة الجماهير يسرا, المسلسل أو بالأحرى البطل صنع ضجة حينها, رغم أنه كان في أولى بداياته إلا أن العالم العربي بأسره أسر بأحداث المسلسل و تابعه بلهفة و شغف, تابع قصة الحب الرائعة و الشبه مستحيلة التي جمعت "محمود الشاطر" ب "ملك" شأنه شأن "نور" و "سنوات الضياع".
إذن, أين كان علماؤنا الأفاضل ساعتها؟ آآآآآه كانوا منشغلين بشهر رمضان؟ الله يكون في العون.
مسلسلات عربية عديدة تنتج و تبث في قنواتنا, و أفلام سينمائية كثيرة تعرض, و فيديو كليبات لا حصر لها تشمل كل فواحش الدنيا, و لا أحد يتكلم أو يعترض, هههه أضن سبب صمتهم راجع للبطل الذي لا يكون في الغالب وسيما كمهند أو يحيا.
المشكل ليس محصورا في الأفلام التركية أو المكسيكية, بل محصور فينا نحن, في علاقاتنا... تصرفاتنا... نظرتنا للمرأة ككائن يريد أن يحس بوجوده و قيمته في هاته الحياة ... يريد أن يعترف به من طرف نصفه الثاني الذي يشاركه سريره البارد...
الغريب في الأمر أن حالات الطلاق هاته سجلت في الشرق الأوسط فقط, يعني أنها لم تسجل في المغرب أو تونس أو الجزائر, مع العلم أن المسلسل كانت له جماهيرية كبيرة في العالم العربي بدون استثناء, ليتضح لنا أن السبب ليس في المسلسلات والأفلام, بل و للأسف فينا نحن أو إن صح القول فيه هو, في الرجل الشرقي الذي لزالت شخصية سي السيد طاغية على حياته, حتى مع زوجته التي يعتبرها كتمثال جليدي, ممنوع عليه سماع كلمات دافئة ... أو التلذذ بقبل ساخنة... تمثال جليدي كتب له أن يشاهد أحلامه في أعين الآخرين.
و رغم كل هذا الاعتراض فالموجة لم تنكسر بعد, ما زالت مصممة على العلو للوصول إلى الشاطئ من خلال مسلسل جديد تبثه قناة أبو ظبي, يحمل قصة بطلين جديدة تحت عنوان "دموع الورد".
في الآونة الأخيرة يعني وراء موجة المسلسلات التركية رأى المنتجون أن يمنحوا فرصة للأفلام الكورية, حتى تأخذ هي الأخرى نصيبها من غنيمة الأسد "الشرقي" , أبو ظبي و القناة الثانية المغربية أصبحتا مؤخرا تبثان أفلاما كورية مدبلجة, تتحدث في الغالب عن قصة حب تجمع بطلين عاشقين يتعرضان للمشاكل و الصعوبات, شأنها شأن معظم الأفلام الحالية لكن هذه المرة بنكهة مختلفة, نكهة كورية.
لكن عجبا لم أسمع بعد صدى علماؤنا الأفاضل, آآآآآه نسيت إنهم منشغلون بشهر رمضان الكريم, إذن فرمضان كريم وكل عام وعلمائنا الأفاضل بألف بخير.