lundi 3 mars 2008

معاناة عجوز تصارع الوحدة

شعرها أشعث,عيناها غائرتان,و فمها شبه خال من الأسنان, لعب بها الزمن كما شاء, وسرق بريقها المضاء, لهجتها تحيلك وبدون استئذان إلى سحر جبال الأطلس و نساءه الملثمات, لا لشيء ما لكن لاحترامهن و خجلهن من الغرباء.

"امي مينة" هكذا آثر الجيران مناداتها لأنهم لا يعرفون عن حياتها ولا ماضيها شيء يروي فضولهم, رغم أنها جارة قديمة تعيش وإياهم أزيد من الثلاثين سنة, لكن تلك العجوز الوحيدة القاطنة بمنزل لا صلة له باسمه بالمدينة القديمة, لأنه وببساطة لا يتوفر على أدنى مستلزمات العيش, ناهيك عن الرائحة الكريهة التي تزكم الأنوف, و الأزبال المتراكمة هنا وهناك, حتى تضن بنفسك أنك وسط مملكة للنفايات, فضلت إقبار ماضيها وسيرتها في بئر النسيان.

ومع ذلك سرقنا من شفاهها الذابلة كلمات متناثرة و حزينة, كلمات تقول أنها تركت بلدتها الصغيرة التي كتمت عنا اسمها في سن صغير, متجهة وزوجها للعاصمة الاقتصادية, و منذ وفاة زوجها لا معيل لها ولا حتى من يطرق بابها للسؤال عنها, و دخلها مجرد دريهمات تستجديهم من المارة في الشارع, ليسود بعد ذلك صمت كسرته حركات خفيفة من يدها لتحرك "الحسوة" الموضوعة في إناء قديم فوق لهيب النار, و في لحظة تعض على شفتيها بشدة و كأنها تعصر الحزن والألم لتبصقه دفعة واحدة على الأرض السوداء من شدة الأوساخ.

تجرأنا و سألناها عن حياتها فقالت: دفتر قديم لم ينتهي الزمن من تقليب صفحاته بعد, و عن رفاقها قالت: يسكنون معي و يشاركونني قوتي و زادي إنهم الجرذان "أصدقائي", رغم أنهم يقصدونني في بعض الأحيان إذا جاعوا.

أجوبة جعلتنا ندرك حقا أن الزمن تخلى عنها و طرحها في زوايا النسيان, زمن عاد إلى الوراء حتى يرى ما سيفعله الإنسان, هل سيتركها تكابد و تصارع الوحدة؟ أم ستأتي يد رحيمة تمسك بيدها و تمسح آثار دموعها الجافة؟

2 commentaires:

salif a dit…

blog zwiiiiiiin 3lach madiri 9issa tawila

siham a dit…

merci salif.
wé ana kanfakar naktab 9issa mé 9assira machi tawila kabidaya inchallah