vendredi 4 mai 2007

معاناة لن تنتهي


"اللي ما شرا يتنزه... قلب آسيدي راه المليح هنا... زيد طلع شوف الذيالا"

عبارات تخترق أذن كل من تطأ قدماه سوق إفريقيا بالدار البيضاء بحثا عن أضحية العيد, كما أنها تكشف عن دعوة صريحة من بائعي الأكباش لعشرات الأنامل التي تستجيب برحابة صدر وهي تختفي خلف ذيل الخروف, الذي لا يحرك ساكنا من جراء ما يتعرض له من إهانات, بعدما ينتهك عرضه ويستسلم لمصيره, حين يمسك أصحابه أسفل وجهه بقبضة أيديهم تجنبا لأي رد فعل أو تمرد محتمل اتجاه المشتري, ليستغل بذلك الخروف فرصة رفع رأسه للسماء داعيا الله أن ينقذه من محنته هذه كل سنة, وكل هذا بسبب السمنة التي تعتبر من أهم انشغالات المشتري الذي يتفنن في طرق البحث عنها, وطبعا كل حسب إلمامه بأصناف وأنواع الأغنام.

فهناك من يدس أنامله في ذيل الخروف وبعد أن يخرجها يمررها على باقي أصابعه, ليتحسس مادة سائلة استخرجها للتو من ذيل الخروف, أو يشم رائحتها كما يفعل البعض, وهناك أشخاص يحترمون عرض وحرمة الأغنام فيكتفون بالرغبة في تقدير سنه عن طريق غرس أظافرهم بين أسنان الكبش بعد أن يفسح لهم البائع المجال, أو يخفون أيديهم وسط الصوف بحثا عن حجم هيكله العظمي, ليتجه المسكين إلى المرحلة الأخيرة من عملية الفحص بتحديد وزنه المفترض, فيرفع الكبش من قوائمه إلى أعلى ليوشك على السقوط أرضا وهو ينظر إلى قرونه الملتفة في الهواء بدون فائدة.

كلها مراحل عبرها معظم أنواع الأكباش, سواء الكبش القادم من "اولاد سعيد" الذي يتميز بصوفه الكثيف وقامته المعتدلة الطول, أو كبش "أبي الجعد" الذي تكبد عناء السفر بقامته القصيرة ووجهه الشبه الدائري, ولا حتى الكبش الرياضي الرشيق القامة والمعتاد على تسلق جبال الأطلس رغم الحمرة التي تزين خديه, كما لو كان يشعر بالخجل وسط أقرانه الكباش بسبب قصر قامته وقرونه القصيرة جدا.

وأخيرا الصردي الذي يمكن أن نستثنيه من اللائحة, لتميزه عن الكباش الأخرى بقلة إصداره للأصوات, وإن عبثت الأيادي قليلا بمؤخرته, وسبب ذلك قلة الطلب عليه لثمنه المرتفع, فهو يعتبر سيد الكباش بقامته الفارهة كما لو كان عارض أزياء مفتخر بجماله الذي يتجسد في قرونه الملتفة في الهواء, ووجهه المستطيل ذي البقع السوداء بين عينيه ومقدمة فمه.

وعلى الرغم من اختلاف أنواع الغنم شكلا وثمنا, وطول رحلة بحث المشتري عن الكبش المفقود, واستمرار لعبة شد الحبل بينه وبين البائع طيلة الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة, إلا أن العادات تفقد معناها دون الكبش والكل يغني على كبشه ليلة عيده.

Aucun commentaire: