mardi 3 avril 2007

"كاد المعلم أن يكون رسولا"

أصبحت المدرسة في الآونة الأخيرة شبيهة بوكالة "التسمسير", وأضحى المعلم فيها هو البزناس أوالسمسار, بعدما كان جل المغاربة يعظمونه ويبجلونه ويحترمونه, ويأخذون العبر بشرفه وسمعته ونظافة يده من كل الشبهات, بعدما كانت المدرسة والمعلمين بمثابة الأسرة الثانية للتلاميذ الذين عدنا مؤخرا نجد في أعينهم بريقا باهتا من الانكسار والخوف من المستقبل, أين تلك الابتسامة المشرقة, والفرح الذي كان يغمر معظم الأطفال عند اقتراب أول يوم دراسي؟ حيث كان جلهم يحلم باليوم الذي سيدخل فيه المدرسة, ويحمل على كتفيه الصغيرتين رزمة الدفاتر والكتوبة, ويلبس فيه البلوزة, ويتعلم أول حرف من حروف القرآن الكريم.

للأسف لقد استقبل أول حلم لهم بصفعة مدوية أيقضتهم على مأساة مريرة من سلسلة الواقع التعليمي في المغرب, الواقع الذي يخول لبعض السمسارة الحق في ابتزاز تلامذتهم من خلال ما يسمى ب"السوايع", فلا يبقى للأسرة أمام كل هذا الحق في الاختيار, رغم ضعف الميزانية وثقل كاهلهم بمصاريف أخرى, حتى ولو كان التلميذ ممتازا في دراسته.

ومع ذلك تجد المعلمين وخاصة المعلمات لا ترضين أكل المال الحرام, فمقابل المال الذي يستنزفونه من أولياء التلاميذ يمنحون أبنائهم عند نهاية المرحلة الابتدائية شهادة "شاف" بامتياز, لأنه ولمدة ست سنوات متتالية يتعلم فيها التلاميذ كيفاش إيعجنوا الخبز والبطبوط , كيفاش إينقيو البطاطا وخيزوا, أو كيفاش إي خدموا التقاشر و التريكو.

فهذه الشهادة يمكنها أن تخول وخاصة للفتيات التي تعذر عليهن متابعة دراستهن بناء أسرة مثالية, أساسها الطبخ الجيد, وبالطبع كل ما ذكر سالفا لا يدخل ضمن المنهج الدراسي, بل كثرة الاجتماعات التي تعقدها المعلمات مع بعضهن هي التي لا تجعل لهن الوقت الكافي للقيام بأبسط الأعمال المنزلية, ولكن كيف ديما البراكة في التلاميذ.

لذا عندما تسمعون صراخ أبنائكم ليلا أو تجدون صباحا سريرهم مبلولا, فاعلموا أنهم حلموا بكابوس كان أبطاله "بابا الغول" و "ماما حيزبونة" اللذان يمثلان في الواقع المعلم والمعلمة.

فكيف سينشأ هؤلاء التلاميذ الذين يمثلون المستقبل الموعود وسط ثلة من المعلمين غير المسؤولين والغيورين على تكوين مستقبل هذا البلد, المتمثل في هؤلاء التلاميذ الذين سيوكل لهم حمل مشعل نشر التوعية والتنوير والمبادئ بين مختلف الشعب المغربي؟ كيف سيتمكنون من ذلك وفاقد الشيء لا يعطيه.

Aucun commentaire: